أور

تُعدّ مدينة أور الحاضرة السومرية التي احتلت مركزًا بارزًا في تاريخ الإنسانية، ولعبت  دورًا  مهمًا في تطور مفاهيم المدنية  على درب الحضارة ،جراء التفاعل الحيوي بين الطبيعة والإنسان.

يرد اسم المدينة باللغة السومرية في صيغ عديدة: (شش- آب)، (أوريما- كي) و(أوريم)، وقد ورد باللغة الأكدية باللفظ : أورو.

وذُكرت في كتب المؤرخين والبلدانيين العرب بصيغة: أور، وقمرينا (مدينة القمر)، و(ذي قار) وذلك لكثرة استعمال مادة القار في أبنيتها.


التُقِطت هذه الصورة من طرف سلاح الجو الملكي عام 1930، من على ارتفاع حوالي 3000 قدم. تبدو الخطوط العريضة للمباني أكثر وضوحًا مما هي عليه اليوم، كما أن أكوام التراب المتراكمة واضحة أيضًا، ويمكن تمييز بيت التنقيب العائد لبعثة وولي في أسفل اليمين. (صورة أرشيفية رقم  1616).

كانت مدينة أور مركزًا دينيًا مقدسًا لدى سكان العراق القديم، فقد كُرّست مركزَ عبادة رئيسًا لإله القمر (نانا بالسومرية/ سين بالأكدية)، إضافةً إلى زوجته (نِن- گال)، وإله الماء والحكمة والفنون (إنكي). وذاع صيتها بعد نشر نتائج تنقيبات تشارلز ليونارد وولي رئيس بعثة التنقيبات المشتركة للمُتحف البريطاني ومُتحف جامعة بنسلفانيا الأميركية في السنوات (من ١٩٢٢ إلى ١٩٣٤)، حيث أبرزت كشوفاته خصوصية السومريين وريادتهم، من خلال التعرف على ما توصلوا إليه من تطور عمراني تمثّل في الزقورات (الأبراج المدرجة)، وبناء المعابد، والقصور، فضلًا عن تميزهم في فنون النحت وصناعة الحلي والمصوغات. وكذلك أظهرت الرقم الطينية مديات الرقي والتطورالفكري الذي بلغه السومريون في مجالات الآداب والعلوم والفلك والرياضيات.

يرقى الاستيطان في مدينة أور إلى ما يعُرف بدور العُبيد (نسبة إلى تل العُبيد الواقع الى غربها) حوالي منتصف الألف الخامس قبل الميلاد، ودور أوروك الذي تلاه. ويُعتقد أن أهل هذا الدور هم أسلاف السومريين، ويُطلق عليهم اسم العُبيديين، وهم الذين وضعوا مبادئ الري، وطوروا الزراعة واستخدموا المعادن.

ثقافة عبيد تربطها الأدلة الأثرية بأقدم استيطان للمنطقة إلى حقب ما قبل التاريخ     ( حوالي 5500 قبل الميلاد)، وقد ازدهرت الحضارة العبيدية في جنوب العراق لما يقرب من 2000 عام، وتميزت  بفخارها الرائع، بالإضافة إلى ذلك ، قام العبيديون ببناء بيوتهم من القصب واللبن و الطوب الطيني المشوي في الفرن، كما قاموا بتطوير طرق الري و اساليب الإنتاج الزراعي و تربية الحيوانات المستأنسة.

الدور الحضاري الثاني الذي مرّت به أور هو جمدة – نصر (٣١٠٠- ٢٩٠٠ ق.م) وسمي بدور الفيضان (شبيه الكتابي)، والذي سبق عصر فجر السلالات السومرية، ومن إنجازات هذا الدور ظهورالكتابة وفنون النحت على الأختام والعمارة. خلال أدوار أوروك وجمدة نصر الحضارية  شهدت المنطقة نموًا سكانيًا وتمدنًا ، من جهة نشوء شبكات تجارية وظهور نظام كتابة تصويرية مبكر. جرى التعرف على دوري أوروك وجمدة نصر في أور من خلال الأختام الأسطوانية، وكذلك الفخار الملون المصنوع على عجلات من تلك الفترة. لكن السكان لم يخلفوا ورائهم أبنية ضخمة في أور. ومع ذلك، وقد جرى اكتشاف بقايا متناثرة من أرضيات طينية متاخمة لجدران مصنوعة من مخاريط الفسيفساء. بالإضافة إلى ذلك، جرى إنشاء ممارسات دفن جديدة خلال هذا الوقت، وتحديداً دفن الموتى في وضع مشابه للجنين، وهي المرة الأولى التي شوهد فيها هذا في تاريخ بلاد النهرين السفلى.

أما الدور الآخر الذي مرت به أور فهو عصر فجر السلالات (الممتد من ٢٩٠٠- ٢٤٠٠ ق.م) الذي شهد تشكيل دويلات المدن، والتي شهدت أيضًا تطور الكتابة من التصويرية إلى المسمارية، وكذلك الإدارة السياسية للسكان. جرت ممارسة العبادة الدينية لمجموعة الآلهة بشكل كامل، حيث كان لكل مدينة معبد أو أكثر مخصص لآلهة مدينتهم.  كان إله القمرنانا هو الإله الرئيس لمدينة أور، وقد تضمن مجمع معبده المقدس هياكل دينية أخرى دُفنت في النهاية تحت ضريح ملوك السلالة الثالثة في أور.  بحسب قوائم الملوك السومريين، فقد حكمت في اور ثلاثة سلالات ، هي :

  • الأولى دامت  ١٧٧ سنة.
  • الثانية دامت  ١١٦سنة.

كانت المقابر الملكية أهم ما عُثر عليه من عصرالسلالة الثانية. بُنيت القبور من الطوب والحجر واحتوت بعضها على ما تم تحديده على أنهم ملوك وملكات بالاضافة الى حاشيتهم التي جرت التضحية بها.

الامبراطورية الاكدية في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد ، قام الملك الأكدي المعروف سرجون الكبير ( ةالأسم من الأصل شارو – كين ويعني الملك الشرعي او الثابت) بتوحيد دويلات المدن وشكّل أول دولة مركزية (إمبراطورية) في التاريخ. خلال هذا العصر،  جرى اعتماد اللغة الاكدية في التدوين بالاضافة الى السومرية، كانت المدن تحت سيطرة سياسية مركزية، وتوسعت التجارة الدولية، وأصبح الجيش المنظم أكثر تعقيدًا. كانت أور واحدة من هذه المدن التي جرى احتلالها. لم تتبقى الكثير من مباني هذه الحقبة الزمنية .

  •  الثالثة:  دامت  ١٠٨ سنوات (٢١١٢- ٢٠٠٤ ق.م)، وحكمها ٥ ملوك، واستطاعت أن تستعيد  فيها مكانتها بين مدن الشرق القديم. قامت هذه السلالة على يد مؤسسها أور- ناما (٢١١٢- ٢٠٩٥ ق.م) الذي اشتهر بتعمير البلاد، وسن أولى شرائع العراق القديم، وأتخذ لقب (ملك بلاد سومر وبلاد أكد)، وقد خلفه أربعة ملوك وهم بالترتيب : ابنه شُلگي (٢٠٩٥- ٢٠٤٧ ق.م)، آمار- سن (٢٠٤٧- ٢٠٣٩ ق.م)، شو- سن (٢٠٣٩- ٢٠٢٩ ق.م)، وأبي- سن (٢٠٢٩- ٢٠٠٤ ق.م).امتد النفوذ السياسي لمدينة أور خلال حكم هذه السلالة ليشمل معظم العراق وسوريا القديمين وأقليم عيلام ومناطق الخليج العربي. ارتقت الحضارة السومرية خلال هذا العصر إلى مكانة سامية على صعيد المنجزات، كما في التشريعات القانونية، وفنون العمارة وتقنيات البناء المستخدمة في تشييد المعابد والزقورات والأضرحة الملكية، مرورًا بتنظيم الري والزراعة، إضافةً إلى النحت والأختام الأسطوانية، وقد استُخدمت اللغة السومرية في مجالات الحياة اليومية كالسياسة والاقتصاد، إلى جانب كونها لغة  النصوص الدينية والأدبية. انتهى حكم هذه السلالة عام ٢٠٠٤ ق.م إثر الغزو العيلامي من جهة الشرق، فأصابها جراء ذلك الكثير من الدمار، واستمر وضعها متذبذبًا، ما بين اهتمام وإعمار وخمول وإهمال، حتى جرى التخلي عنها في وقتٍ ما من القرن الثالث قبل الميلاد، بسبب تحول مجرى نهر الفرات بعيدًا عنها، لتغمر بقاياها الرمال أكثر من٢٠٠٠ عام.

إيسن / لارسا / العصر البابلي القديم: استمرت الحياة في أور دون عوائق خلال عصري إيسن-لارسا والبابلي القديم ، لكن المدينة فقدت أهميتها السياسية. جرت إعادة بناء المجمعات السكنية الضخمة خلال هذا الوقت، والتي تضمنت الأحياء السكنية والكنائس الصغيرة والمتاجر والأسواق الصغيرة. عُثِر على كميات كبيرة من الرقم و الالواح المسمارية.

جدول بالعصـــورالتاريخية لمدينة أور (الأرقام تقريبية)

٥٥٠٠ – ٤٠٠٠ ق.مدور العُبيد
٤٠٠٠ – ٣١٠٠ ق.مدور أوروك
 ٣١٠٠- ٢٩٠٠ ق.مدور جمدة نصر
٢٩٠٠ – ٢٣٣٤  ق.مفجر السلالات السومرية (١،٢،٣)
٢٣٣٤ – ٢١٥٤  ق.مالسلالة الأكـــــــــدية
٢١١٢ – ٢٠٠٤  ق.مسلالة أور الثالثـــــة
٢٠٠٠ – ١٧٣٩  ق.مسلالة إيسن- لارسا/ العصرالبابلي القديم
١٧٣٩ – ١٤٥٠ ق.مسلالة القطر البحري
١٤٥٠ – ١١٥٥ ق.مالسلالة الكشيّة (العصرالبابلي الوسيط)
١١٥٥ – ٦٦٠ ق.مسلالة إيسن الثانية/ العصرالآشوري
٦٢٦ – ٥٣٩ ق.مالعصرالبابلي الحديث
٥٣٩ – ٣٣١ ق.مالفترة الأخمينية
٣٣٠  ق.م – هجر الموقعالفترة السلوقية